زيف الكلام وصدق المشاعر

 ما هو الشيء الذي يجعل الانسان يُقدم على تجربة وهو مُدرك في قرارة نفسه انها سوف تنتهي بالفشل بل وقد تصبح في فترة من الفترات سبباً في تحول حياته الى جحيم؟
يتبادر الى ذهني هذا السؤال كلما امعنت التفكير بعاقبة من يقحم نفسه على الارتباط بفتاة فقط لأجل الهروب من شبح الماضي و التفائل بما قد يحدث في المستقبل, حيث العيش الرغيد والحب الوليد، تراه يسير قُدما وهو يرفع شعار ( الحب لا يُثمر إلا بعد الزواج ), تأخذه خطاه الى حيث المجهول لا يملك الشجاعة التي تُمكنه من نزع الغشاوة التي تحجب عنه مصيره المحتوم.
افترض في مخيلتي أن شخص قرر ان يخوض غمار "الحياة الزوجية" لكنه وبعد ان استنفذ جميع الوسائل في الحصول على فتاة احلامه قرر اللجوء الى امه فما كان منها الى ان اقترحت عليه تلك الفتاة التي لطالما كان اسمها حاضرا ضمن قائمة المستبعدين لديه لعلمه واقتناعه بعدم الجدوى من الارتباط بها حباً ومعاملة, لكنه فكر قليلاً ثم قال لنفسه لعلي كنت مخطأ وعسى ان ينفتح قلبي لها بمجرد التواصل معها فأكون من السعداء وهو لا يعلم انه قد يرتكب بذلك ذنباً عظيم في حق نفسه وفي حقها حينما أوهم نفسه بذلك الامر, بعدها اعود واحدث نفسي قائل لها إنما هي علاقة بدأت لتنتهي على عجل.
"الحب الحقيقي" هو ما جاء على حين غفلة من صاحبه فهو لا يعلم اين ومتى طرق ذلك الزائر بابه وكيف سيطر ذلك الشعور عليه حتى غدا ذلك المحب عاجز امام سطوة محبوبه عليه لمجرد التفكير به, لا يعترف الحب بالكلمات الزائفة التي لا تعدو طرف اللسان ولا يمكن ان يصبح بها ثابت الاركان تلك الكلمات التي حتى وان وجدت طريقها الى القلوب فهي لا تحمل تصريح للدخول اليها لأنها وفي قاموس المحبين ليست الا تحصيل حاصل.
الحب المبني على الكلمات فقط دون ان تتفجر انهار من العاطفة والاحساس من حنايا القلب فتَغمر بذلك الشعور جسد المحب بأكمله لهو حب خرِب وهو أوهن على صاحبه من ان يُخلص له طول العمر, لذلك نرى كثير من حالات الانفصال بين اوساط الشباب وكل ذلك نتيجة العلاقة السطحية القائمة بينهم.
لقد افسد هؤلاء العاشقون بألسنتهم لا بقلوبهم ووجدانهم معنى الحب وقيمته حينما قرروا ان ينفثوا على رُوع العذارى سموم كلماتهم العابرة وأن ينسجوا في مخيلاتهم خيوط الوهم الخانقة فصاروا بذلك مكبلين بقيود تلك الاحلام مخمورين بتلك العبارات المعسولة غير قادرين على استخدام عقولهم في التحرر من تلك الأوهام المفرطة.
أخيراً "القلوب" حدائق ذات أسوار فإن امتلكتم مفاتيح تلك الاسوار فلا تدخلوا اليها طيوراً شادية بأعذب الكلمات وتخرجوا منها وقد احتطبتم كل  ما فيها من الجمال, لا تعبثوا بتلك الحدائق الغناء فتغدوا ارضً بور لا تصلح لنثر بذور الحب فيها مرة أخرى لذلك أحبو بكل ما تملكون وما تستطيعون ثم بعدها تحدثوا بما تشاءون.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لا أحد يعدِل البحر حُبً وصدقً

ما هو الحل للسيطرة على المشاكل الزوجية

ما بين التسويف والمماطلة تضيع الكثير من الالتزامات