عواقب غياب القيم والاخلاق عن المجتمع

خلق الله الإنسان لعمارة الأرض وهيئها وجعلها صالحة للحياة بعد أن أعطاه أدواتها وجعلها سهلة مذللة له بل بسط فيها من كل ألوان النعم ليستخرجها ذلك الإنسان ويحيا وينعم بها, لكن وللأسف هناك صنف من بني الإنسان لم يدرك أن مهمته عمارة الأرض واستصلاحِها وإحسانُ العيش فيها ولذلك سعى في الأرض بالإفساد بل وسار على هذا النهج بُغية الحصول على كل ملذاته وشهواته متناسياً أن الله عز وجل قد نهانا عن الإفساد في الارض بعد ان اصلحها وهيئها.

ما أبشع أن يتنكر الإنسان لهذا الجميل ولهذه النعم فيسعى لتدمير الأرض وجعل الحياة على ظهرها جحيماً لا يطاق, ما أبشع أن يتجرد الإنسان من ثوب الإنسانية فيغدو وحشا كاسرا همجيا يهلك الحرث والنسل, فالإنسان السوي هو الذي يسعى لتهيئة الحياة الإنسانية الكريمة مع بني جنسه، يتعاون مع باقي إخوانه على عمارة الأرض وتهيئة الحياة فيها وإمدادها بكل سبل الاستقرار.

ما أقبح الحقد عندما يمتلئ به القلب فتراه يأكل الحب والفضيلة يسري كالورم الخبيث يأكل اللحم السليم وينخر العظم القويم ويتلف الأعصاب ويدمرها, ما أقبح الكراهية عندما تغلي في الصدور ولا تهدأ الا بنفث سمومها بين الناس, ما أقبح الانتقام عندما يتحول إلى سلوك يهلك الحرث والنسل ويدمر القيم والأخلاق, ما أقبح الانتقام عندما يتحول إلى سلوك يُعمي صاحبه فيتحول الى وحش كاسر.

 عندما يتجرد الإنسان من قيمه فلك أن تتصور كل ما يخطر ببالك من مظاهر السوء، وتصرفات الجهل، وسلوكيات الرذيلة, لقد أدرك الناس من كلام النبوة الأولى قيمة عالية ومبدأ سياديا بين الإنسانية وسياجا منيعا لحدود التعامل بين البشر ، مبدأ الحياء،  فإذا لم تستح فاصنع ما شئت.

عندما يتخلى المرء عن حيائه فإنه ينتهك كل أسوار الإنسانية ويتجاوز كل الخطوط الحمراء وعندها تتولد الأزمات وتنموا وتنتشر في أوساط المجتمع, عندما نعيش أزمة ضمير صارخه يُخرج المرءُ للناسِ لسانَه المشقوقَ كلسان الأفعى، لينفث  سمومه اتجاه أبناء جنسه و لا يترك أية فرصة سانحه إلا وينتهزها ليعبر عن حقده الذي ينخر عظامه كالسرطان, عندما نعيش أزمة أخلاق حاده تجد الخُبث يخالط دم المرء ولحمه، ويمضي إلى الشغاف والأمخاخ.

أتساءل ما لذي يجعل المرء يرتدي لباساً غير لباسه الذي فُطر عليه بل كيف تمكنت منه شهوته حتى اردته غريقاً في مستنقع زلاته لقد كشرت فئة من الناس عن أنيابها وسعت بكل قواها لتدمير ما تبقى من القيم في اوساط المجتمعات هنا وهناك انسلخت من قيمها وباتت قضيتها الكُبرى هي اشباع رغباتها وارضاء عنفوانها وغطرستها, لذلك عندما تأتي أزمة القيم وتحل بنا فإن قائدها هو الخلق النبيل، وملطفها هو الود والتراحم، ومخفف حدتها هو التعاون والإيثار, فإذا انعدمت الأخلاق واندثرت الفضيلة تكاثرت تلك الأزمات.

أما ان الاوان ان نكون معاول بناء في مجتمعاتنا وفي أنفسنا أولاً قبل ذلك, ألم يحن الوقت لنترفع عن كل تلك الصغائر من الاحقاد والضغائن, ألا نستطيع ان نطبق قول الرسول الكريم ( المسلم من سلِم المسلمون من لسانه ويده), حُق لنا أن نسعى بكل ما أوتينا من عزيمة واصرار لجعل حياتنا مستقيمة زاخرة بالخير والعطاء حتى نصل بسفينتنا الى بر الامان.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لا أحد يعدِل البحر حُبً وصدقً

ما هو الحل للسيطرة على المشاكل الزوجية

ما بين التسويف والمماطلة تضيع الكثير من الالتزامات