ما هو الحل للسيطرة على المشاكل الزوجية

ليس هناك أشد وقع على قلب الرجل او المرأة من تلك المشكلات التي تحدث معهما في أثناء ممارستهما لحياتهما الزوجية, لذلك احببت ان اكتب بعض مما يجول في خاطري عن تلك المشاكل الزوجية و مدى تأثيرها الشديد على الأسرة, كما أنني سأحاول طرح بعض المعالجات والحلول التي من شأنها ان تخفف من تلك الاضطرابات التي تقضي على مستقبل بعض تلك الأسر.

مما لا شك فيه ان منسوب "الحب" في قلب الانسان في تقلب مستمر وذلك من خلال ما يمر به من منعطفات واختلالات تؤدي به الى الصعود تارة والانخفاض تارة اخرى وهنا انا اتكلم عن الحب إجمالاً وليس في ما يخص الزوجين فقط, أي ان قلوب البشر في تقلب مستمر ولو كانت على غير ذلك لكان هناك اختلالاً واضحاً في معادلة الحياة البشرية حب سرمدي فيه نوع من الجمود والرتابة وفي المقابل كره وبُغض أزلي تشتعل نارة على الدوام ولا تكاد تنطفئ.

يحلم ذلك الفتى أو تلك الشابة بشكل الحياة التي سوف يعيشها كل منهما وذلك قبل دخولهما الى عش الزوجية, كل ما يرونه امامهم أو بالأصح لا يريدون رؤية سواه هو ذلك الطريق المعبد الذي لا اعوجاج فيه طريق تستلقي على جنباته اصناف الورود التي ستضفي على حياتهما رائحة العبير الفواح, ينهضان في الصباح الباكر فيرقبان جمال قطرات الندى المتناثرة على قارعة حياتهما وكأنها حبات اللؤلؤ ويمسيان على  معزوفة انغام الرياح وهي تداعب نافذة بيتهما العتيقة وهما على طاولة الطعام.

بالرغم من كل تلك الاحلام والامنيات التي تُبنى في المخيلة إلا انه لابد من وقوع بعض الممارسات والافعال التي تقض مضجع أولئك الحالمين بعد ارتباطهم وهنا اريدك ان تعيرني انتباهك حول الاتي: إن أساس رغبتك في الحفاظ على الشيء هو وجود الدافع لذلك, ففي المرحلة الأولى من الزواج - الأشهر الأولى - يبدأ كل من الرجل والمرأة بالتعرف على الاخر بالشكل الطبيعي الذي يبدو عليه شريكه دون تصنع وهي المرحلة التي تتم فيها عملية ولادة الدافع لاستمرار العلاقة ام قطعها.

الحب وما ادراك ما الحب لا تستقيم عِمارة البيوت في غيابة ولا تسيل العاطفة من حنايا اركانها إلا في ظل وجودة ولا تنبض القلوب حنان ورأفه بداخلها إلا به, يُصلح ما يفسده الدهر ويُجدد ضمور المشاعر وفي حضرته تضمحل كل النتوءات, هو تلك اللحظة التي يتجرد فيها الانسان من عقلة مسَلماً زمام اموره لقلبة, هو تقديم الاعذار والتنازلات حتى وان كانت في غير محلها أو سابقة لأوانها وكل ذلك لا يكون إلا في سبيل الحب.

ما بعد الأشهر الاولى من الزواج

ما بين اروقة الأيام تضع المشكلات أحمالها وتعلن بذلك بداية عهد جديد, عهد يمثل مفصلاً حقيقياً لحياة الرجل والمرأة بأدق التفاصيل, يُماط اللثام عن الصورة الحقيقة لذلك المشهد فتتضح معالمه, هي لا تحب الرجل قليل الكلام وذاك لا يحبها مفرطة في المشاعر والحنان, واخر يريدها حلوة اللسان منكسرة ذو دلال وهي لا تعرف من الحب ما يتعدى طرف ذلك اللسان تباين شديد ما بين العادات والثقافات والسلوكيات لكل واحد منهما وهذا الأمر طبيعي جدا فهو من فطرة الانسان ولولا هذا الاختلاف لما تعززت وتوثقت العلاقات.

بالعودة للحديث عن الدافع الذي يجعل تلك العلاقة تستمر بل وتزدهر أعتقد انه ما من شريكين يقدمان على هذه العلاقة إلا وقد استلهم كلاهما من الاخر ان الزواج ما هو الا نتيجةُ ذلك الحب الذي لامس قلبيهما واصبحا مقتنعين انه لابد من تلكم البذرة ان تكبر وتؤتي ثمرتها.

وهنا يخطأ من يظن ان الحب لا يحتاج الى بيئة صالحة تجعله قادرا على النمو فالحب لا يترعرع بدون حرية ولا يُثمر بدون عطاء ولا يتدفق بدون وفاء تلك هي الأسس التي تقوي ذلك الدافع للإبقاء على هذه العلاقة سليمة ومعافاه, لاحقاً يقوم احد الشريكين او كلاهما بإفساد تلك البيئة وتحويلها الى حالة من الفوضى والتمرد على تلك الأسس  حتى يصبح الحب هزيل مهترئا غير قادر على التأثير ويصبح كلا منهما لا يمتلك الدافع لاستمرار العلاقة.

تمتلك "المشاكل الزوجية" قدرة هائلة على تفكيك الاسرة وبشكل قطعي حيث يصبح كلاً من الرجل والمرأة غير قادرين على التعايش فيما بينهما لانهما فقدا الاحساس بالحب, لم تعد ترغب بالجلوس معه لأنه لا يعطيها حقها من الاهتمام في اثناء حديثهما, لا يعود إلى المنزل الا في وقت متأخر ليرتاح من صوتها, لم تعد تولي اهتمام بما يحب من اللباس والطعام وهو لم يعد يسألها عن احتياجاتها ومتطلباتها إلا عندما تتقدم هي بطلب لشرائها. لم يعد احد منهما يكترث لأمر الاخر.

شيئاً فشيئاً تفقد الحياة رونقها في اعينهما فلم يعد ذلك البيت الذي طالما حلما به مكانا يمكن ان تربو فيه احلامهما ولو أنهما في لحظة من اللحظات استحضرا تلك القوة الكامنة بين اضلعهما واستعانا بها لرأيت تلك العثرات المتناثرة في طريق رحلتهما قد انزاحت وانجلت, نعم للحب سحر رهيب واثر بليغ في تطويع قلوب العاشقين إنه الوقود الذي يجب ان تعتمد عليه في سيرك على طريق الايام ولو نفذ ذلك الوقود لانقطعت بك السبل.

أخيراً لا تقوموا بالارتباط إلا بمن تثقون انهم قادرون على جعل الحب هو ذروة سنام البيت وعمادة, لا تُقدموا على شراكة الغرض منها الانجاب فقط بل كونوا على ثقة انكم قادرين على جعل الحب هو القيمة المطلقة لما انتم مقدمين عليه, احبو ثم افعلوا بعدها ما تشاؤون احبو بصدق ونزاهة فهذا هو جوهر الحياة وقيمتها اما ما عدا ذلك فهو مجرد تفاصيل.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لا أحد يعدِل البحر حُبً وصدقً

ما بين التسويف والمماطلة تضيع الكثير من الالتزامات