اثر الغضب والانفعال على تصرفات الانسان

اضرار الغضب على الفرد والأسرة

ثواني معدودات وانت في حالة من الغضب كفيلة بأن تهدم ما تعِبت كثيراً في بنائه, يُجبرك ذلك الشعور الهمجي على الخروج من دائرة التصرفات البشرية منتقلاً بك الى ما هو اشبه بالأفعال الحيوانية, يتحرر بفعله شيطانك القابع في اعماقك منتظراً هذه اللحظة التي تمر بها من الّا وعي وعدم الإدراك ليتسنى له السيطرة على مُجمل حركاتك وتفكيرك.

في تلك اللحظة ينسلخ المرءُ الغاضب من أعرافه وقيمة فهو لم يعد قادراً على التحكم بخلايا جسده المضطرب وسط ذلك الاعصار الجامح الذي يغزو عقله, تنهمر من فمه أقذع العبارات وابشعها تاركة خلفها جروح غائرة لا يستطيع المتلقي استيعابها او التعامل معها.

الغضب شعور يسيطر على صاحبة فيُعمي بصيرته ويقوده نحو المجهول, لذلك كانت نصيحة نبينا الكريم لذلك الصحابي الذي وقف بين يديه قائلاً أوصني يا رسول الله فقال له "لا تغضب فرددها مِراراً فقال له النبي الكريم لا تغضب" يستوقفني هذا الحديث كثيراً وأنا اتأمل حال ذلك الصحابي الجليل الذي لم يُعر تلك النصيحة قدراً من الأهمية لذلك قام بتكرار السؤال مرات عديدة على النبي الكريم وهو لا يزال به أن لا تغضب وذلك لمعرفته صلى الله علية وسلم بما ستؤول اليه الاحداث ساعة الغضب.

الغضب هو المفتاح الذي تُهدية على طبق من ذهب لذلك الشيطان المتربص بك ليلاً ونهاراً, فينقض سريعاً دونما هوادة على مراكز تفكيرك فيسبح في ارجاء عروقك باسطاً سيطرته التامة عليك لتتسارع الأحداث بعدها تِباعاً, ففي تلك اللحظة المشؤومة تبدأ بإلقاء العبارات الجارحة غير مكترث بمشاعر من هم امامك مستسهلاً ذلك الشيء، بل قد يصل الأمر في بعض الحالات الى مد يدك دون الشعور بذلك، وأنا اجزم لو أن احد ما التقط هاتفه وقام بتصوير مجريات الاحداث لتعجب ذلك الانسان الغاضب من افعاله ساعة حدوثها.

يقول أبو العتاهية في إحدى قصائده "ولم أرى في الاعداء حين خبِرتُهم عدوا لعقل المرء أعدا من الغضبِ" و قد جاء في الأثر ان الله عندما خلق ادم خلق معه ظلمه و نور، فقيل للنور ما أنت قال انا العقل قيل واين تسكن قال الرأس، ثم قيل للظلمة ومن انتي قالت الغضب  قيل واين تسكنين قالت الراس إذا ذهب العقل أتيت أنا. وهنا تكمن خطورة الشعور بالغضب وذلك لأنه يمتلك القدرة الهائلة التي تجعلك تتصرف برعونة وحماقة منقطعة النظير, يجعلك تكتسب عداوات انت في غنى عنها, يُلحق بك أضراراً اجتماعية وصحية جسيمة, يؤثر على تواصلك بأفراد أسرتك ومجتمعك, وغيرها الكثير من السلبيات التي يتسبب بها غضب الانسان.

وفي أثناء تلك الحالة من الشتات التي يمر بها المرء الغاضب ثمة صوت خافت يصدُر من أقصى اعماق عقله يناديه, يمد يدهُ إليه لينتشله من وسط ذلك الركام وهنا تكمن اللحظة الفارقة فإن غلّب ذلك الصوت على نزعته الشيطانية فقد نجا الى بر الأمان وإن أعرض سمعه عنه وألجم ذلك الصوت بلجام الشيطان فقد خاب وخسِر وندِم.

خلال سيرنا في رحلة الأيام نتعرض للكثير من المواقف التي من شأنها أن تحضّنا على "التصرف بانفعال" سواء كان ذلك بشكل مباشر ومتعمد أو بشكل غير مباشر، وفي كلا الحالتين يجب علينا أن نتحلى بشيء من التؤدة والروية في النظر والحكم إلى مكامن الأمور, فليس هناك أبشع من ان تراجع تصرفاتك وألفاظك بعد انقشاع العاصفة لتجد أن القريب قد ابتعد عنك بسببها وأن الغريب قد اخذ اسواء الانطباعات عنك بفعلها, لذلك لا تجعل من حماقات من هم أمامك تُخرجك عن نطاقك المعهود من تصرفات وأفعال, حافظ على رونقك ومكانتك في قلوب من هم حولك واستعذ بالله من شر الشيطان وأهله.

تعليقات


  1. حقا فالغضب حجاب العقل.

    WWW.ALHAMDI.BLOG

    ردحذف
    الردود
    1. نعم ولذلك لا بد لنا من التأني والتروي ساعة الغضب

      حذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لا أحد يعدِل البحر حُبً وصدقً

ما هو الحل للسيطرة على المشاكل الزوجية

ما بين التسويف والمماطلة تضيع الكثير من الالتزامات